هذا الكتاب سلخت في جمعه من عُمري زُهاء عشرين سنة، ما سمعت بحادثة إلا قيّدتها، ولا وقع نظري على مسألة إلا نقلتها، وما اجتمعتُ بعد الهجرة بذي شأن من الطرابلسيين ممّن لهم صِلَة بالحرب وإدارتها إلا رويتُ عنه وناقشتُه فيما يتعارض مع رواية غيره، ولا سمعتُ بحاكم منطقة أو رئيس إدارة إلا أخذتُ عنه ما وسعني أخذه.
وما رويتُ عمّن يُخامرني فيه شكّ؛ أو روايته تُخالف من هو أوثق منه عندي. وكانت مُشاهداتي من أكبر العوامل التي شجّعتني على الكتابة في الحُروب الطرابلسية، فقد شهدتُ أول الاحتلال إلى قرب صلح أُوشي، وشهدتُ ما وقع من الحوادث بعد صلح بنيادم سنة 1919م إلى أوائل سنة 1924م. وما لم أشهده كان يقع على مَسْمع مني فكنت أذكره لمُجرّد سماعه.
وقد بذلتُ جهدي في الوُصول إلى الحقيقة. وكثيراً ما اعترضتني مُناسبات رأيت فيها مُبرّراً لترك بعض الحقائق إلى وقت آخر. وأعتقد أني وضعتُ لقومي ما يصلح أساساً للبناء عليه في مُستقبل الأيام.